يرى مختصون أن استدعاء السفير الأردني في تل أبيب للتشاور في ظل استمرار اعتقال أردنيين في إسرائيل خطوة تعكس "غضبا أردنيا" وقد يتبعها سحب السفير وقطع العلاقات الدبلوماسية.

السفير الأردني لدى إسرائيل، غسان المجالي، وصل عمان، الأربعاء، بعد يوم من استدعاء وزارة الخارجية له "كخطوة أولى"، بسبب عدم استجابة إسرائيل لمطالب أردنية مستمرة بالإفراج عن هبة عبد الباقي (اللبدي)، المضربة عن الطعام منذ أكثر من شهر، وعبد الرحمن مرعي، الذي يعاني من مرض السرطان.

مصادر قالت لـ "المملكة" الثلاثاء إن إسرائيل كانت تحاول استغلال قضية اللبدي ومرعي سياسيا، وربطها بمسائل وملفات، منها أراضي الباقورة والغمر، التي يستعد الأردن لاستعادتها في 10 تشرين ثاني/نوفمبر المقبل، بعد أن أنهى العام الماضي جلالة الملك عبد الله الثاني نظاما خاصا سمح لإسرائيل باستخدامها.

"استدعاء السفير مبادرة تنم عن غضب أردني قد يتبعها سحب السفير احتجاجا على ما تفعله إسرائيل، بعد اعتقالها اللبدي ومرعي"، يقول رئيس الديوان الملكي الأسبق، عدنان أبو عودة، لـ "المملكة".

ويضيف أبو عودة أن إسرائيل "غير مستعدة للتضحية باتفاقية معاهدة السلام،" الموقعة بين الطرفين في 26 تشرين أول/أكتوبر 1994.

مسألة الباقورة والغمر "منتهية"

إسرائيل اعتقلت اللبدي (32 عاما)، أثناء توجهها لزيارة عائلتها في جنين، وصدر في حقها أمر اعتقال إداري مدته 5 أشهر، أعلنت على إثره إضرابا عن الطعام في 24 أيلول/ سبتمبر، وتعاني حاليا من تدهور خطير في صحتها، فيما اعتقل مرعي (29 عاما) في 2 أيلول/سبتمبر الماضي.

الأردن حمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حياتهما في ظل استمرار اعتقالها اللاقانوني واللاإنساني.

أبو عودة استبعد محاولة إسرائيل تأخير تسليم ملحقي الباقورة والغمر للأردن، بينما يرى المختص في القانون الدولي، أنيس قاسم، أن إسرائيل ستستمر في التفاوض مع الأردن بشأن ملحقي الباقورة والغمر.

إسرائيل قد تفعل ذلك "كي لا تخرج خاسرة من الاتفاق، إلا أن الأردن لا يمكنه السماح بجعل ملحقي الباقورة والغمر ورقة مفاوضات،" يقول قاسم لـ "المملكة"، مبينا، أن استدعاء السفير يعبر عن "امتعاض دولة من سلوك دولة أخرى، وممارسة دبلوماسية".

أبو عودة، أكّد أن مسألة ملحقي الباقورة والغمر، "منتهية".

"الأردن أنهى اتفاق استخدام المنطقتين حسب القانون والاتفاقيات الدولية ولم يفاوض عليهما ..."

ويعتقد قاسم أن إصرار إسرائيل على عدم الاستجابة، ربما يعني أن "يتخذ الأردن إجراءات تشمل أن يظل السفير (في الأردن) لفترة أطول، وقد يطلب من السفير الإسرائيلي في عمّان مغادرة الأردن، وقد يتصاعد الأمر إلى قطع العلاقات بين الجانبين".

"استغلال"

المحامي والمحكم الدولي، عمر الجازي، قال إن إسرائيل "عوّدت الأردن على الخروقات وعدم احترام أي التزام دولي"، موضحا أن "إسرائيل تلعب دائما على التناقضات وتحاول استغلال مواقف سياسية لتحقيق مصالحها".

"إسرائيل تحاول استغلال ظروف طارئة مثل اعتقال أردنيين دون وجه حق، من أجل تمديد الوضع القائم في ملحقي الباقورة والغمر"، بحسب الجازي، الذي استبعد رضوخ الأردن.

وبالرغم من التزام الأردن باتفاقية السلام، تستمر الخروقات الإسرائيلية المتكررة، التي كان منها إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، خلال حملته الانتخابية، نيته فرض سيادة على غور الأردن وشمال البحر الميت في حال فوزه.

الملك، الوصي على مقدسات مدينة القدس المحتلة، حذر من تداعيات "كارثية" في حال تنفيذ إسرائيل إعلان نتنياهو، وأن هذا سيؤثر مباشرة على العلاقات بين الأردن وإسرائيل.

وبين الجازي أن استدعاء السفير الأردني في تل أبيب "إجراء أولي قد تتبعه إجراءات تصعيدية أخرى"، موضحا أن الإجراء "بادرة جيدة لإيصال رسالة لإسرائيل بعدم رضا الأردن على هذه الاستفزازات وعدم الموافقة على ربط قضية المعتقلين الأردنيين بمحلقي الباقورة والغمر".

"ورقة ضغط"

وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، أعلنت الثلاثاء، أن الأردن ألقى القبض على إسرائيلي يدعى "كوتوف كونستانتين"، تسلل "بطريقة غير شرعية" إلى الأردن عبر الحدود في المنطقة الشمالية، وأن تحقيقات تجرى معه تمهيدا لإحالته إلى القضاء.

ويقول قاسم إن الأردن "قد يستخدم ذلك الإسرائيلي كورقة ضغط للإفراج عن المعتقلين الأردنيين في إسرائيل".

"من المتوقع أن يستغل الأردن تلك الورقة استنادا إلى قراري محكمة العدل العليا الإسرائيلية، التي قضت باستخدام الأسرى كورقة ضغط في مفاوضات مع حزب الله اللبناني عام 1984، ومع حركة حماس الفلسطينية عام 2019، باحتجاز جثامين فلسطينيين مقابل الإفراج عن إسرائيليين،" بحسب قاسم.

أبو عودة دعا الحكومة إلى استخدام المتسلل كورقة ضغط على إسرائيل، "والتفاوض لتحقيق نوع من التبادل".

"بإمكان الأردن استغلال الأمر دبلوماسيا للإفراج أيضا عن أردنيين آخرين معتقلين في سجون الاحتلال،" وفق أبو عودة.

الجازي توقع أن الأردن لن يطلق سراح المتسلل الإسرائيلي إلا بعد إجراء تحقيقات لازمة، لتبيان سبب دخوله في حال كان مضطربا نفسيا "أو دخل للقيام بعمل إرهابي".

المملكة