في هذا الوقت من السنة، تعج كومجنغ بالمتسلقين الساعين للوصول إلى إيفرست، لكن مع إغلاق الجبل بسبب فيروس كورونا، أصبحت هذه البلدة في هملايا مقفرة، وخسر المرشدون النيباليون مصدر رزقهم.

فعلى غرار غالبية دول العالم، عزلت نيبال نفسها للجم انتشار الفيروس ومنعت الوصول إلى قممها الشهيرة المغطاة بالثلوج في خضم الموسم.

ولم تسجل أي إصابة في البلدة التي تعتبر موطن "الشيربا" وهم مرشدو الجبال الذين يرافقون  المتسلقين.

يشعر فوربا نيامغال شيربا الذي كان يتسلق جبل إيفرست والجبال الأخرى منذ كان في السابعة عشرة من العمر، بالقلق الآن بشأن مستقبله مثل المئات من المرشدين الآخرين إضافة إلى العاملين في هذه الصناعة. وقد علقت النيبال التصاريح لكل الرحلات الجبلية في 12 آذار/مارس.

وستبلغ العائدات الفائتة جراء وقف التصاريح 4 ملايين دولار على الأقل،إذ يكلف كل تصريح لتسلق قمة إيفرست وحدها 11 ألف دولار.

لكن شيريا والمرشدين الآخرين الذين غالبا ما يكونون المعيل الوحيد لعائلاتهم يقولون، إنهم يواجهون مشكلة أكبر من ذلك.

فموسم إيفرست الذي يمتد من أوائل نيسان/أبريل إلى نهاية أيار/مايو، يسمح له بإطعام عائلته طوال العام.

ويكسب هؤلاء بين خمسة آلاف، و10 آلاف دولار خلال الموسم.

 المخيم الأساس مقفر 

وقال شيربا من منزله في كومجنغ حيث يعيش مع زوجته وابنه البالغ  6 سنوات لوكالة فرانس برس "نحن لا نذهب إلى الجبال؛ لأننا نريد ذلك، بل لأنه العمل الوحيد المتوافر أمامنا".

وقد وصل شيربا البالغ من العمر 31 عاما إلى قمة إيفرست 8 مرات، وساعد عشرات المتسلقين في الوصول إليها.

وقال "أظن أن الكل يعاني من المشكلة نفسها".

وفي هذا الوقت من كل عام، يكون شيربا في المخيم الأساس في إيفرست، حيث يقيم مئات الساعين إلى تسلق قمم أعلى الجبال في العالم، في انتظار حلول طقس جيد لبدء رحلتهم إلى القمة.

شهد موسم الربيع من العام الماضي رقما قياسيا من متسلقي الجبال بلغ 885 شخصا، 644 من بينهم من الجانب النيبالي لإيفرست.

لكن فيروس كورونا ترك مخيم القاعدة هذا الموسم مقفرا.

كذلك يبدو بازار نامتشي، وهي المدينة الأخيرة قبل الوصول إليه، مهجورة أيضا.

وقال داميان بينيغاس الذي يقود فرق متسلقين إلى إيفرست منذ ما يقرب من عقدين، إن المرشدين والحمالين وعمال المطبخ الذين يساهمون في تلك الرحلات سيكونون الأكثر تضررا.

وأوضح "هؤلاء الأشخاص ليس لديهم أي مدخرات احتياطية أو عقود".

 القرار المناسب 

وسيطال الضرر الناتج عن الإغلاق قطاع السياحة التي تساهم بنحو 8 % من الناتج المحلي الإجمالي في النيبال، وتوفر أكثر من مليون وظيفة، وفقا للمجلس العالمي للسفر والسياحة.

وكانت نيبال التي لا تزال تتعافى من زلزال كبير ضربها في العام 2015، تأمل في جذب رقم قياسي يصل إلى مليوني سائح في 2020. وقد تلاشت هذه الخطط الطموحة الآن.

لكن سكان منطقة إيفرست يؤيدون قرار الحكومة. فخطر العدوى حقيقي، ويشهد موسم الربيع مجيء  مئات المتسلقين الأجانب، ومرور المتنزهين عبر قراهم.

ومع ضعف نسبة الأكسجين على المرتفعات، يصبح التنفس صعبا؛ مما يزيد من الأخطار الطبية إذا ما تفشى مرض ما.

وقال متسلق الجبال الشهير فوربا تاشي شيربا الذي تسلق إيفرست 21 مرة، إن فيروس كورونا سيلحق الخراب إذا دخل قرى جبال هملايا.

وأضاف "لقد كلفنا وظائفنا، لكنه القرار الصحيح".

وتابع "في كومجنغ لدينا مستشفى واحد صغير، وليس لدينا موارد طبية كافية، تخيل لو بدأ السكان يمرضون هنا".

وقال سانتا بير لاما رئيس جمعية تسلق الجبال في نيبال "على الحكومة إيجاد طريقة لدعم الأشخاص الذين لن يتمكنوا من العمل، ليس فقط في صناعة تسلق الجبال، بل في قطاعات أخرى أيضا".

أ ف ب