يستمر الأردن في العمل لتوفير تمويل مستدام لـ أونروا، التي تواجه في الذكرى 69 لبدء عملها، تحديات متزايدة تضعها في "مفترق طرق"، مجدِدا رفضه محاولات تصفية الوكالة الأممية وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين.

وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، التي أعلنت حاجتها لـ 1.2 مليار دولار في 2019، تقدم دعما لنحو 5 ملايين لاجئ فلسطيني، يعيش 1.4 مليون منهم في 58 مخيماً تعترف بها أونروا في الأردن ولبنان وسوريا، إضافة إلى قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. ويستضيف الأردن 2.2 مليون لاجئ فلسطيني.

مسؤول حكومي أعاد التأكيد لـ "المملكة" أن "الأردن مستمر في سعيه لإيجاد حل دائم لمعالجة أزمة أونروا المالية"، الأمر الذي أكدته وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في وقت سابق من شهر أبريل الماضي.

"الأردن يجري اتصالات مع دول مانحة من بينها السويد لإيجاد آلية تضمن حلاً دائماً لأزمة أونروا"، يقول المسؤول.

"يرفض الأردن أن تتسبب الأزمة المالية بإغلاق أونروا أو تحت أي ظرف، فهي تقدم خدمات لملايين اللاجئين الفلسطينيين حول العالم، كما أن قضية أونروا ليست مالية فقط، بل قضية سياسية وقضية حقوق"، يضيف المسؤول.

ويشير إلى "تأييد دولي واسع لبقاء أونروا ودعم موقف الأردن في الحفاظ على الوكالة، باستثناء الإدارة الحالية للولايات المتحدة"، لافتاً: "ليس بإمكان دولة واحدة أو حتى أكثر من دولة فرض تصفية أونروا التي جاءت بقرار أممي عام 1949، وبدأت عملها في الأول من مايو 1950".

وزارة الخارجية دعت "الدول المانحة إلى تقديم الدعم لأونروا عبر الالتزام المالي طويل الأمد، والتمويل الأساسي لمساعدة الوكالة في سد العجز المالي خلال 2019، وضمان الدعم المالي المستدام للوكالة لعام 2020 وما بعده".

تحديات

"أونروا على مفترق طرق بسبب حملة أميركية شرسة عليها أنقذتها منها جهود أردنية ودولية مشتركة العام الماضي"، يقول المحلل السياسي، عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية.

ويرى الوزير الأسبق، إبراهيم الجازي، أن الأردن "حشد أكثر من لقاء سياسي متتالي لتوفير دعم مالي لأونروا، ونجح في استقطاب دول مانحة، وكان من أبرز المتبرعين اليابان ودول أوروبية ".

"قد لا تستمر دولة مثل اليابان بتقديم دعم مالي لأونروا، في ظل مساع أميركية لتجفيف التمويل،" يقول الجازي.

الولايات المتحدة قدمت في 2018 نحو 60 مليون دولار من أصل 360 مليون دولار كانت تخصصها لدعم أونروا ثم أوقفت الدعم؛ مما ساهم بعجز مالي للوكالة بلغ 446 مليون دولار، وانخفض نتيجة حشد الدعم إلى 21 مليون دولار.

"العجز في موازنة أونروا للسنة الماضية نتج عن عدم تمويل الولايات المتحدة التي كانت تقدم ثلث المبلغ المقدر" تقول الناطقة باسم أونروا، تمارا الرفاعي لـ "المملكة".

"تحتاج أونروا إلى 1.2 مليار دولار لسنة 2019، كما تحتاج لذات المبلغ في 2020"، تضيف الرفاعي.

"تحديان طويلا الأمد تواجههما الوكالة: الأول بغياب حل لمسألة اللاجئين الفلسطينيين وهو الذي ما زالت أونروا قائمة لأجله، والثاني هو التحدي المالي"، توضح الرفاعي.

وتتابع: "كثفت أونروا جهودها حتى لا تحتاج إلى موازنة أكبر من تلك المخصصة لسنة 2018، لكن الحل يتمثل بتقديم الدعم لأونروا من الدول المؤمنة بضرورة إيجاد حل للقضية الفلسطينية".

وتطالب أونروا بتوفير مساعدات كتلك التي حصلت عليها في 2018 من الدول المانحة، "لا أكثر من ذلك ولا أقل،" وفقا للرفاعي.

وتشير إلى أن دولاً، تشمل الاتحاد الأوروبي وألمانيا ودولا خليجية مثل السعودية وقطر والكويت والإمارات، "سارعت لتغطية العجز،" بحسب الرفاعي.

"يتوجب على "أونروا توفير خدمات لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، حيث تدير الوكالة مكاتب للخدمات في كل مخيم تتابع من خلاله قضايا اللاجئين ... حفظ الأمن في المخيمات يقع على عاتق السلطات المضيفة"، تشير عبر موقعها الإلكتروني.

"تصفية حق العودة"

ويحذر الرنتاوي أن الولايات المتحدة وإسرائيل "تسعيان إلى تفكيك أونروا التي تعد رمزاً لقضية اللجوء الفلسطيني بهدف إغلاق هذا الملف مرة واحدة وإلى الأبد".

"برز دورهما في محاولة تغيير تعريف اللاجئ الفلسطيني لينحصر فقط بالجيل الأول الذي خرج من فلسطين عام 1948"، يقول الرنتاوي.

وتعرف أونروا اللاجئين الفلسطينيين بأنهم "الأشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خلال الفترة ما بين يونيو 1946 وحتى مايو 1948، والذين فقدوا بيوتهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948".

"المسألة تستهدف حق العودة أساساً"، يضيف الرنتاوي.

يوافقه في ذلك الجازي: "وقف الدعم الأميركي الهائل الذي كان ينصب على الوكالة التي تعزز فكرة حق العودة للاجئين الفلسطينيين يعني السعي للقضاء على هذه الوكالة الدولية، وبالتالي حرمان اللاجئ من حقه".

ويضيف: "من يراقب المشهد السياسي الفلسطيني يرى أن نهجا إسرائيليا بدعم أميركي يسعى لحسم ما اصطلح على تسميته بالحل النهائي، ابتداء من قضية القدس والاعتراف بها عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس".

وأعلن ترامب في نهاية 2017 اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى المدينة المقدسة في مايو 2018.

ويصر الأردن، صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، على قرار ترامب، مطالبا بدولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة.

"صراع"

"الأردن عليه عبء كبير جدا، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، ونستطيع أن نقول إن الأردن في حصار من دول راغبة بتنفيذ الصفقة المشبوهة (ما يسمى بصفقة القرن)"، يقول الجازي.

أما الرنتاوي، فيقول: "استهداف أونروا هو استهداف لرمز قضية اللاجئين الفلسطينيين، واستهداف لقضية العودة والتعويض، والتعويض هنا لا يقصد به الأفراد، وإنما يشمل أيضا الدول المضيفة التي كانت تعتقد أنها ستحصل يوما ما على تعويضات عن استقبالها لآلاف وملايين اللاجئين الفلسطينيين، وفي ضوء المعطيات الأولى لصفقة القرن اعتقد أن هذه الدول فقدت الفرصة".

"الصراع على أونروا هو صراع على قضية اللاجئين، وحقهم في العودة والتعويض وفق قرارات الشرعية الدولية، والحل أن يكون هناك سخاء عربي في دعم الوكالة إضافة لدعم المجتمع الدولي"، يوضح الرنتاوي.

جلالة الملك عبد الله الثاني أعلن أن الأردن يرفض ما تناقلته وسائل إعلام، خاصة إسرائيلية، "صفقة القرن" أو ما يعرف بـ "الوطن البديل".

"كيف؟ ما إلنا صوت؟ نحن الجيش العربي المصطفوي، ولنا تاريخنا بالقدس وبفلسطين. ونحن لنا صوت ولنا موقف"، شدد الملك خلال اجتماع مع قيادة وكبار ضباط القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.

وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي قال، إن "الأردن لا يعلم طروحات الولايات المتحدة فيما يسمى بـ (صفقة القرن)، لكن موقفه ثابت في تلبية حقوق الشعب الفلسطيني".

المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، قال في تغريدة الشهر الماضي: "الإشاعات التي تتحدث عن خطة سلام تتضمن كونفدرالية بين الأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية أو أن يصبح الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين غير صحيحة".

أما جاريد كوشنر، مستشار البيت الأبيض وصهر الرئيس الأميركي، فقال في تصريحات سبقت التغريدة، إن "مقترح السلام في الشرق الأوسط سيعلن عنه بعد انتهاء شهر رمضان".

المملكة